قصتنا

بدأت "لئلا ننسى" خطواتها الأولى في عام 2011 خلال محاضرة عن ممارسات التنسيق الفني قدمتها الدكتورة ميشيل بامبلينج في جامعة زايد، حيث اقترحت بامبلينج على 8 طالبات إماراتيات إنشاء معرض يستكشف صور العائلات الإماراتية والذكريات والمشاعر والانطباعات المرتبطة بها. وكانت هذه المبادرة الأولى من نوعها لجمع وتسجيل وتصنيف وأرشفة الصور التي التقطتها العائلات الإماراتية خلال سنوات التأسيس الأولى الحاسمة في مسيرة بناء الدولة. وبعدسات الإماراتيين، تعكس هذه الصور تجاربهم وآرائهم واهتماماتهم وحياتهم اليومية في عصر ما بعد اكتشاف النفط، التي شهدت إعلان الاتحاد وتفاعلاتهم الأولى مع الحداثة وتعزيز مكانة الإمارات على الساحة العالمية.

وعلى مدى الفترة من منتصف إلى أواخر القرن العشرين، بدأ الإماراتيون في شراء الكاميرات الفوتوغرافية لتسجيل ذكرياتهم ووقائع حياتهم اليومية ومحيطهم الاجتماعي، واحتفظوا بهذه الصور الشخصية باعتزاز وخصوصية داخل بيوتهم، ونادراً ما كانت تُعرض خارج الدوائر القريبة من العائلة والأصدقاء. أما الصور الاحترافية، فكانت عادة لقطات أخذها مصورون محترفون أجانب من أجل مهام محددة في قطاعات التنقيب عن النفط والبعثات الطبية والإعلام والدوائر الحكومية وما إلى ذلك. وانتشرت هذه الصور على نطاق واسع في الصحف والمجلات والكتب، ومؤخراً الانترنت.

وجدت الطالبات فكرة المعرض مثيرة للاهتمام، وتطلعن إلى اكتشاف هذا الكنز الثمين من الصور المحفوظة في ألبومات عائلاتهن، لكنهن ترددن أيضًا في عرض الصور الشخصية التي التقطها آبائهن وأجدادهن، وتسجل تفاصيل حياتهم اليومية في بيوتهم.

ومضت عدة أشهر قبل عرض أول مجموعة من الصور العائلية في الصف (عدا الصور التي قدمتها الدكتورة بامبلينج)، غير أن الطالبات واصلن استكشافهنّ لقيمة الصور العائلية بعيدًا عن الارتباط العاطفي والوجداني بها، وتناقشن حول أهميتها التاريخية والثقافية وجمالياتها. وفي أحد الأيام، أحضرت الشيخة مريم بنت سلطان آل نهيان ألبوم صور يعود إلى والدها، وحمل غلاف الألبوم ملصقًا مكتوبًا عليه باللون الأحمر: "لئلا ننسى: معالي الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، أفريقيا، 1974". وأحدث ألبوم "لئلا ننسى" زخمًا كبيرًا في المشروع، إذ امتلكت الدهشة الطالبات أثناء مشاهدة صور المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - في المنزل وأثناء إجازته مع عائلته. ولم يمض وقت طويل حتى بدأت الطالبات الأخريات في إدراك مدى أهمية صور عائلاتهن، ليس بالنسبة لهن فحسب، بل للآخرين والمجتمع بصفة عامة. وقررن التعاون والعمل سويًا على سرد قصص من الحياة اليومية للمجتمع الإماراتي في سنوات التأسيس والبناء من خلال توثيق الصور والتاريخ الشفهي، وذلك عن طريق جمع ألبوم من الصور الشخصية المملوكة لأفراد المجتمع، وتنظيم معرض لمحتويات هذا الألبوم.

وعقب ذلك، تعين على الطالبات الحصول على موافقة عائلاتهن على المشاركة في المشروع عبر السماح لهن بعرض صور عائلاتهن ورواية القصص المرتبطة بها في الصف. وبذلت الطالبات جهدًا كبيرًا في إقناع عائلاتهن، لأن هذه الخطوة كانت حينذاك غير مألوفة على الإطلاق. وانتقلن إلى التحدي التالي المتمثل في التنقيب عن الصورة القديمة المنسية داخل الصناديق والحقائب وحافظات الأوراق والمتعلقات الشخصية. وبحلول نهاية الفصل الدراسي، أحضرت الطالبات حوالي 50 صورة إلى الصف، وتمكنّ من بناء دائرة من الثقة شكلت الأساس لما أصبح لاحقًا مبادرة "لئلا ننسى". وعلى مدى العامين التاليين، قامت الدكتورة بامبلينج بإدراج المشروع ضمن دورات أكاديمية متعددة التخصصات منها الثقافة المادية في دولة الإمارات العربية المتحدة، والأساليب البحثية للفنانين والمصممين، وممارسات التنسيق الفني، والمؤسسات الفنية. وحقق هذ العمل التعاوني الرائع بين فرق متعددة من الطالبات على مدى ثلاثة أعوام نتائج مذهلة تكللت بإصدار كتاب "لئلا ننسى: صور لعائلات إماراتية 1950-1999" وتنظيم المعرض المصاحب له في جامعة زايد خلال ربيع 2013. وقد تكرم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بافتتاح هذا المعرض بحضور الكثير من العائلات الإماراتية المئة التي شاركتنا بسخاء صورها وذكرياتها الثمينة.

وفي عام 2013، دعت "مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان" الدكتورة بامبلينج وعددًا من الطالبات المتخرجات المشاركات في المشروع إلى المضي قدمًا في تطوير "لئلا ننسى" لتصبح مبادرة للفنون والتراث الثقافي، والانطلاق بها إلى آفاق أوسع خارج نطاق جامعة زايد. وتتعاون "لئلا ننسى" مع الأفراد والمؤسسات على تطوير وتنظيم برنامج حافل من المعارض والندوات والحوارات وورش العمل إلى جانب توفير فرص التدريب العملي. وتفخر المبادرة أيضًا بإنتاجها الغزير من الإصدارات والكتب. وبينما تحتفل بمرور عقد كامل على تأسيسها، تواصل "لئلا ننسى" الالتزام بمسؤولياتها ومهامها المجتمعية الرامية إلى إحياء التراث الثقافي الشعبي للمجتمع الإماراتي واستلهام قيمه الأصيلة. 

للمساهمة في أرشيف "لئلا ننسى"، يرجى التواصل:
"لئلا ننسى"
contact@lwf.ae

 

جار التحميل