الشيخ زايد: قرن من الذكريات

بمناسبة الاحتفال بمئوية ميلاد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (1918 - 2004) طيب الله ثراه، الوالد المؤسس وأول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتزامن مع «عام زايد»، جمعت مبادرة «لئلا ننسى» 100 من الذكريات والتجارب والشهادات الشخصية عن الشيخ زايد، وذلك عن طريق إجراء مقابلات مع أشخاص أثّر في حياتهم، وساهم في تطويرها وتحسينها. إن تسجيل وتوثيق الذكريات عن الشيخ زايد في هذه اللحظة التي يسترجع فيها شعب الإمارات مآثر وأخلاق وإنجازات قائدهم التاريخي المحبوب، يأتي في وقت مناسب تماماً، حيث بقي الشيخ زايد ذكرى خالدة تنبض بالحياة في قلوب وعقول الكثيرين. وفي المقابل، لم يشهد جانب من الشباب الإماراتي والمقيمين فترة حكم الشيخ زايد الذي قاد الاتحاد وأرسى دعائم دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، وتوفاه الله في شهر رمضان يوم 2 نوفمبر 2004، بعد 38 عاماً من القيادة الإنسانية.

يساهم هذا الكتاب في جمع وتوثيق الذكريات الشعبية عن حياة الشيخ زايد وقيادته وشخصيته الفذة. ورغم أن الشهادات الشفهية الواردة بين صفحات الكتاب تخبرنا الكثير عن هذا الرجل العظيم، وتشكل عنصراً مكملاً للدراسات والمراجع الرسمية والعلمية عن حياة الشيخ زايد، فإن هذا النوع من التوثيق له طبيعة مختلفة تماماً، لأنه يعتمد بالكامل على وجهة نظر الجمهور والأفراد العاديين. ويمكن قراءة الكتاب على أنه صورة أو رؤية شعبية جماعية للشيخ زايد، أنشأها مجتمع من الأشخاص الذين استلهموا هويتهم وحياتهم من رؤيته، وحافظ كل منهم على احترامه وتقديره وحبه للشيخ زايد، ووضعه دائماً في مكانة سامية شامخة.

وتكشف هذه الذكريات بوضوح عن رؤية الناس للشيخ زايد، وشعورهم به كإنسان وقائد وحاكم. ويُعتبر سردهم لهذه الذكريات بمثابة مشاركتنا لرؤيتهم ومعرفتهم الشخصية. وينطوي حديث الذكريات على عملية تفكير وتأمل، وهذه العملية انتقائية بالضرورة، وتتضمن تصفية لهذه التجارب من خلال الإدراك والمشاعر. الذاكرة ليست حقيقة تاريخية، بل هي وسيلة فعّالة لمعرفة ما حدث في الماضي ولم يعد يمكننا رؤيته. وعناصر الحقيقة والخيال والفكر والشعور تشمل الذكريات التي تشبه الأحلام، حقيقية ولكنها غير ملموسة، ويجمعها كلها معنى متشابك يضرب بجذوره في أعماق الوعي، ولكن من الصعب تحديده ووصفه بشكل ملموس. وقد تتغير الطريقة التي يتذكر بها الأشخاص الأحداث والحوارات مع مرور الوقت. ومن خلال هذه الذاكرة الجمعية المركبة يتكون لدينا فهم صادق وحميم عن الشيخ زايد.

إن رواية الذكريات هي في الأساس عمل إبداعي وأحد صور التعبير عن الذات. وبينما نتعرف على الشيخ زايد من خلال ذكريات الناس عنه، نستكشف أيضاً شخصية أصحابها. ونلمس في الذكريات الشعبية عن اللقاءات والتجارب الشخصية مع الشيخ زايد اهتمامات ومشاعر ومواهب وإنجازات وأحلام كثير من الناس. وتعكس الذكريات الجماعية طرقاً لا حصر لها لا يزال دعم الشيخ زايد يضيء من خلالها حياة الناس. كما أنها تشهد على مدى عمق حضور وتأثير الشيخ زايد في الهوية والشخصية الوطنية الإماراتية.

 

 

جار التحميل